27 - 06 - 2024

وجهة نظري | الجيش الذي لا يقهر الجبن

وجهة نظري | الجيش الذي لا يقهر الجبن

تخاصمهم الشجاعة رغم كل ما لديهم من عتاد وأسلحة فتاكة مدمرة، رغم كل الدعم الذي تقدمه ربيبتهم القوة الأشرس في العالم.. رغم التعاون الاستخباراتي واللوجيستى.. رغم الحماية من كل مساءلة قانونية دولية، رغم الفيتو الذى تستخدمه لتمرير جرائم الصهيونية البشعة المنحطة التي تجاوزت كل مواثيق الحروب والمعاهدات الدولية.

كل التحصينات وتشويه الحقائق وكتم الأصوات الرافضة لحرب الإبادة الشرسة والتعامل الأبدى مع الكيان الغاصب للأرض العربية بإعتباره طفلا مدللا حد الإتلاف والإجرام والبلطجة.

كل ذلك لم يخف حقيقة الجيش الصهيوني المتسم بالجبن والخسة والندالة، تلك الصفات اللصيقة به دوما وإن أبرزتها بشكل سافر الحرب الأخيرة على غزة.

الرعب هو السمة الأبرز، يشي بها ذلك الجنون الأعمى المدمر الذى يطيح بالبشر والحجر.

يهدمون البيوت فوق رؤوس أصحابها ويزعمون أن المقاومة تختبيء بين سكانها، يقصفون المستشفيات ويدعون أن أنفاق المقاومة تكمن تحت جدرانها.. يقصفون سيارات الإسعاف خشية أن يكون رجال المقاومة بين مصابيها .. يستهدفون النازحين الملوحين بأعلام بيضاء تثبت طلبهم للسلامة والأمان، ثم يتركون جثثهم في العراء .. بل ويعبثون بتلك الجثث للتيقن من أنها ليست لرجال المقاومة وإن كانت الشكوك تحوم حول رغبتهم في انتزاع الأعضاء منها والإستفادة وربما الإتجار بها.

جنون الرعب يجعلهم أكثر وحشية وخسة وندالة .. يتركون الجرحى ينزفون بالساعات حتى تصعد أرواحهم لبارئها، تشتكي غلظة قلوب أشد قساوة من حجر صلد.

زادت الوحشية عن الحد فانقلبت رغم جبروتهم للضد.. عنف وشراسة وحجم الدمار لايشي إلا بعجز وفشل، هكذا رأته كل شعوب العالم فعرفت حقيقة الكيان القذر.

جنون الرعب كشفته صور الحفاضات التي يرتديها بعض جنود العدو خشية التعرض لاستهداف المقاومة لو أنهم تركوا دباباتهم وعرباتهم المصفحة المنيعة لمجرد لحظات.

جنون الرعب جعلهم يستهدفون المستشفيات وسيارات الإسعاف ورجال الدفاع المدنى والصحفيين والأطباء .. يستهدفون الكنائس والمساجد ويصعدون على منبرها ليؤدون تراتيلهم التلمودية.

جنون الرعب وصل لحد الإطاحة بلعب الأطفال في مشهد هستيرى بدا فيه أحد الجنود كأنه يحقق نصرا عظيما.

جنون الرعب وصل لحد الوقوع في كمين للمقاومة أكثر من مرة لتحصد أسلحتهم أرواح ثلاث مجموعات من فرق العدو وصلت تباعا لأحد الأنفاق .

يبدو أن ذلك الرعب أصاب رجال المقاومة بحالة من النشوة والانتصار، فواصلوا خداعهم للعدو بأكثر من طريقة أكثرها خفة تلك التي إستخدموا فيها دمى تنطق بالعبرية تبكى أحيانا وتطلب مساعدة حينا وما إن يقترب الجنود حتى يتم إستهدافهم .

بدا رجال المقاومة أشبه بأشباح يتوهم جنود الاحتلال أن يخرجوا عليهم في أي لحظة وفى أي مكان .. ولعبت المسافة صفر دورا أكبر لتزيد من تلك المخاوف الهستيرية الجبانة.

لم يكن غريبا ألا يأخذ جنود العدو بعين الإعتبار تلك الرايات البيضاء المرفوعة فيقتلون أصحابها، ليكتشفوا بعد ذلك أنها لرهائن لدى المقاومة.

نيرانهم الصديقة هي أيضا أصيبت بلوثة الجنون فتعددت أخطاؤها لتحصد أرواحهم بأيديهم لتزداد عوامل فشلهم عاملا آخر لا يقل أهمية..

علامات الفشل التي لا تخطئها عين منصف لن يستطيع أن يخرج منها العدو إلا مهزوما، لكنه بالطبع سيعمل ما فى وسعه لتحقيق ما يحفظ لساسته ماء وجوههم.. لن يكل هؤلاء عن مواصلة حربهم القذرة لتحقيق هدفهم الأخطر في تهجير الفلسطينيين وترحيلهم من بلادهم ليتحقق حلمهم المزعوم بوطنهم المغتصب من النهر إلى البحر.

حلم يبدو سهلا في عيونهم لكنه سيكون حتما عصيا على التحقق إذا ما واجهته عقول أبية، ترفض التنازل والتفريط مهما كانت المغريات والتحديات والصعوبات، بيقين أنها تواجه عدوا شرسا شرها لن يكف عن أطماعه في ابتلاع الأراضى العربية واحدة تلو الأخرى. فعلينا الحذر وعلينا مواجهة المخطط الخبيث بردع حازم، فالأرض كالعرض لا يمكن التفريط فيها أو النيل منها.
-------------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | إنسانية اللا عرب





اعلان